بسم الله الرحمن الرحيم
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) سورة فصلت
الآية (39) من سورة فصلت تبين لنا أن الأرض تربوا عندما ينزل الله عليها الماء
و هذا يعني أن الله عندما ينزل الماء على الأرض تعود هذه الأخيرة بالفائدة
بسم الله الرحمن الرحيم
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لاَ يَقُومُونَ إِلاَّ كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ
يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276) سورة البقرة
الرِّبا هو العائد بالفائدة على المال المقرض
الرِّبا هو أن يعطي طرف طرفا آخر قدرا من المال على هيئة القرض إلى أجل محدد على أن يربو عنده بنسبة حددت مسبقا طبقا لشروط الاقتراض بينهما
و سيتبين لنا هذا المفهوم من خلال تدبر الآيات التي ورد فيها البيع و الرِّبَا
و أول سؤال سنطرح على أنفسنا هو لماذا شبه المرابون البيع بالرِّبَا
و هل تعريف البيع على لسان القرآن الكريم مماثل لتعريف البيع على لساننا العامي ؟
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
تعريف البيع على لسان القرآن الكريم يختلف عن تعريف البيع على لساننا العامي
و الدليل من القرآن الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ
وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (20) سورة يوسف
وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ: أي باعوه بثمن منخفض
فمن خلال الآية (20) من سورة يوسف نستنتج أن مَا نسميه بلساننا العامي ( البيع ) القرآن الكريم يسميه ( الشراء )
و بالتالي فالعملية التبادلية بين الطرفين هي بين شَارٍ وَمُشْتَرٍ
فَالشَّارِي هو ما نسميه بِالبَائِع و المُشْتَرِي يبقى المشتري
و العملية التبادلية بينهما هي البيع ( كلاهما قام بالبيع )
و هذا يعني أن البيع هو تبادل الملكية
لكن هذا لا يعني حتما أن البيع ( تبادل الملكية ) هو التجارة
فليس كل بيع تجارة
التجارة نشاط اقتصادي أساسه المبادلة ( البيع )
و المبادلة ( البيع ) صنفان مبادلة اقتصادية و مبادلة غير اقتصادية
بسم الله الرحمن الرحيم
رِجَالٌ لّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ (37) سورة النور
رِجَالٌ لّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ: رجال لا يلهيهم نشاط اقتصادي و لا مبادلات عَن ذِكْرِ اللَّهِ
البيع ( المبادلة ) هو التنازل عن شيء نمتلكه مقابل الحصول على شيء آخر
مبادلة مال بعقار، بسلع أو بخدمات
مبادلة عقار بعقار
مبادلة سلعة بسلعة
مبادلة خدمة بخدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
قُل لِّعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ الصَّلاةَ وَيُنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلالٌ (31) سورة إبراهيم
مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ: مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مبادلة فِيهِ
بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254) سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) سورة التوبة
فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ: المؤمنين استجابوا لله فقدّموا أنفسهم و أموالهم في سبيله مقابل دخولهم الجنة
لكن الكافر لن يستطيع مبادلة ( بيع ) نجاته من النار يوم القيامة و لو ملأ الأرض ذهبا ليفتدي به
بسم الله الرحمن الرحيم
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ (91) سورة آل عمران
المرابون أرادوا إلباس الحق بالباطل فقالوا ( إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا )
أي أن المبادلة مثل الرِّبَا
فهم قالوا أن الرِّبَا لا يخرج عن يكون مثل البيع
فالرِّبَا مبادلة للوقت المعطى للمدين لسداد الدين بفائدة تعود على رأس المال
و بالطبع هذا لا يتماشى مع مفهوم البيع فلا يمكننا تَّمَلُّك الوقت لمبادلته بفائدة عائدة على المال المقرض
و بالتالي الرِّبَا هو دفع ثمن شيء لم نحصل عليه
و لا يوجد رِّبَا حلال ( مسموح ) و رِّبَا حرام ( ممنوع )
كما يروج إليه البعض بقولهم أنه إذ زادت الفائدة عن ضعف القرض فيصبح القرض رِّبَا مستدلين
خطأ بالآية 130 من سورة آل عمران
بسم الله الرحمن الرحيم
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) سورة آل عمران
الآية (130) من سورة آل عمران تتحدث عن نسبة الرِّبَا الذي كان شائعا آنذاك في مجتمع البعثة
فالرِّبَا الذي كان شائعا آنذاك يضاعف به حجم الدين و إن عجز المدين عن السداد عند انقضاء أجل الدين فسيضاعف له حجم الدين مرة أخرى
ولا يقتصر الرِّبا على أخذ الفائدة ممن يستحق الصدقات كما يروج إليه البعض
فحتى أخذ الفائدة الربوية من أصحاب الأموال هو رِّبا
و الآية (39) من سورة الروم تثبت ذلك
بسم الله الرحمن الرحيم
وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُو عِندَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (39) سورة الروم
وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ: برهان أن المال الربوي أقرض لمن لهم أموال لينمو أكثر
الإجابة عن بعض الأسئلة
هل المرابحة الإسلامية رِّبَا ؟
المرابحة هي عقد بيع بسعر التكلفة مضافا إليه هامش ربح معلوم ومتفق عليه بين المشتري والبائع
مثال:
تريد شراء سيارة سعرها عند الوكيل المعتمد 10000 دولار
البنك الإسلامي يشتريها ب 10000 دولار ثم يعيد لك بيعها عن طريق الائتمان بربح زائد ب 1000 دولار مما يجعلك تدفع ثمنا أخير قدره 11000 دولار
هل هذا الربح ( 1000 دولار ) بيع أم رِّبَا ؟
الجواب:
لو كان بيعا لما تتجاوز سعر السيارة سعر الوكيل المعتمد
فتلك الزيادة هي ثمن الوقت الذي أعطاه البنك للمدين لسداد الدين و بالتالي فهو رِّبَا
فالمغالطة هنا هي الإدعاء بأن سعر التكلفة هو سعر التسويق
سعر التكلفة هو مجموع التكاليف المتكبدة لإنتاج وتوزيع سلعة أو خدمة و ليس الشراء بسعر التسويق
هل القرض البنكي رِّبَا ؟
نعم القرض البنكي رِّبَا
هل المقترض مُسْتَهْجَنٌ ؟
لا المقترض ليس مستهجنا لأن لا خيار له
هل الفائدة العائدة على المال المودع في البنك رِّبَا ؟
نعم هي رِّبَا لأن البنك وسيط بين المقرض و المقترض
فالبنك يقتسم مع مودعي الأموال الفوائد المحققة على مقترضي تلك الأموال
تعليقات
إرسال تعليق